أخلاقياجتماعيالإدارةالاتزان الحياتيكتابةكتب

لماذا يجب أن ندعم الكتّاب بشراء كتبهم؟!

في عالم الأدب والنشر، تشيع ظاهرة تسبب الإزعاج للكتّاب والناشرين على حد سواء، وهي طلب النسخ المجانية من الكتب، خاصة من قبل الأصدقاء والمعارف. قد تبدو هذه الممارسة بسيطة في ظاهرها، لكنها في الحقيقة تضع الكاتب في موقف صعب، خاصة مع العدد المحدود من النسخ المجانية التي يحصل عليها من الناشر.

كمؤلف، وجدت نفسي مرارًا في موقف محرج عندما يتقدم الأصدقاء بطلب نسخة مجانية من كتابي الجديد. “لا تنساني بنسخة”، جملة سمعتها مرات لا تحصى. في كل مرة كان الشعور نفسه: كيف يمكنني تلبية طلباتهم المتعددة وأنا أعلم أنني بالكاد أملك ما يكفي من النسخ؟ هذه التجربة ليست فردية، بل هي شعور مشترك بين العديد من الكتّاب الذين يعملون بجد لإنتاج عمل يتطلب شهورًا أو حتى سنوات من الجهد.

ما يغفل عنه الكثيرون هو حجم الجهد والوقت اللذين يستثمرهما الكاتب في إنتاج كتاب واحد. كما قال الكاتب المصري نجيب محفوظ: “الكتابة هي مهنتي وحياتي، وليست هواية أو تسلية”. فالكتابة ليست مجرد تسلية جانبية، بل هي عمل يتطلب التفاني الكامل، بدءًا من الفكرة، مرورًا بمراحل البحث والكتابة، وصولًا إلى المراجعة والتعديل والنشر. إن كل مرحلة من هذه المراحل تنطوي على جهد كبير وتكاليف نفسية ومادية.

وهنا يظهر الإشكال الأكبر: طلب النسخ المجانية لا يؤثر فقط على الكاتب، بل على صناعة النشر ككل. فالكتاب ليس مجرد منتج، بل هو جزء من سلسلة متكاملة تشمل الكاتب والناشر والموزعين. عند طلب نسخة مجانية، يتم قطع هذه السلسلة وحرمان الكاتب من دعم هو في أمس الحاجة إليه.

على سبيل المثال، إذا كان سعر الكتاب 5 دنانير، وطلب 20 شخصًا نسخًا مجانية، فإن ذلك يؤدي إلى خسارة 100 دينار من الإيرادات. قد يبدو المبلغ بسيطًا، ولكن إذا تكرر هذا السيناريو مع كل كتاب يُنشر، فستكون النتيجة خسائر كبيرة، ليس فقط للكاتب، بل للناشر الذي يعتمد على هذه الإيرادات لاستمرار إنتاج الكتب.

من المؤسف أن الأصدقاء والأقارب، الذين يُفترض أن يكونوا أول داعمي الكاتب، هم من يلجأون إلى طلب النسخ المجانية. ولكن الدعم الحقيقي للكاتب لا يتمثل في الحصول على كتابه دون مقابل، بل في شراء الكتاب والمساهمة في دعمه معنويًا واقتصاديًا.

بدلًا من طلب نسخة مجانية، يمكن للأصدقاء التعبير عن دعمهم للكاتب بعدة طرق أخرى:

  • شراء الكتاب وقراءته.
  • كتابة مراجعة إيجابية عنه ونشرها.
  • التوصية به لأصدقائهم الآخرين.
  • حضور الفعاليات الأدبية التي يشارك فيها الكاتب.

في النهاية، شراء الكتب ليس مجرد معاملة تجارية، بل هو استثمار في ثقافة المجتمع وفكره. فكل كتاب نشتريه هو خطوة نحو دعم الإبداع والاستمرار في نشر الكلمة المكتوبة. دعونا نتذكر أن الكتب ليست مجرد سلع، بل هي نوافذ تطل على عوالم جديدة، وكل نسخة نشتريها هي رسالة للكاتب والناشر بأننا نقدر إبداعهم ونؤمن بأهمية الكلمة.​​​​​​​​​​​​​​​​

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى