الاتزان الحياتي

كيف تتعامل مع مديرك الصعب!

التحديات كثيرة في بيئة العمل اليوم، لكن المدير الصعب يمثل دائما تحدٍ مختلف، قد يصبح في كثير من الأحيان العائق الأكبر أمام الموظف. وفي عالمنا المتسارع الذي يزداد تعقيدًا يوما بعد يوم، يتطلب التعامل مع الشخصيات الصعبة والمتباينة، سواء أتت في صورة المدير أو الزميل أو العميل، مهارة لا تقل أهمية عن المهارة والكفاءة الفنية. هذه المهارة هي ما يسمى بالذكاء العاطفي، والذي هو -في قناعتي- بمثابة الضوء الذي يمكن أن يهدينا ويرشدنا إلى مخرج النجاة والنجاح في متاهات العلاقات الاجتماعية والمهنية التي كثيرا ما صعبة، والذكاء العاطفي كذلك هو الجسر الذي يمكن له أن يوصلنا إلى بر الأمان حيث نجد التوازن بين أعباء العمل ومتطلبات الحياة، كي لا يصير العمل عبئا لا يطاق.

سأقدم لكم في السطور التالية سلسلة من النصائح للتعامل مع المدير الصعب.

  1. التعرف على الدوافع: تقول الكاتبة ج. ك. رولينج، “الفهم هو الخطوة الأولى نحو القبول”. حاول أن تفهم دوافع المدير وأسباب سلوكه الصعب، فقد يساعدك ذلك الفهم على التعامل مع المواقف التي تواجهها معه بشكل أفضل، بل لعلك قد تجد المبررات المقنعة لما يقوم به حيالك، وتستطيع من خلال فهمها تحسين علاقتك معه.
  2. بناء الجسور بالتواصل: “التواصل والشعور بأنك مفهوم، يمكن أن يكون واحدًا من أعظم الراحات التي يحصل عليها الإنسان”، هذه الكلمات التي قالها عالم النفس كارل روجرز تؤكد على أهمية التواصل الفعّال. استخدم مهارات الاستماع الفعال والحديث المتعاطف والتواصل غير اللفظي لتقوية العلاقة. وكما قال ستيفن كوفي في كتابه الأشهر، العادات السبع للناس الأكثر فعالية، “افهم قبل أن تحاول أن تُفهم”.
  3. ضبط النفس وإدارة الغضب: جاء في الحديث الشريف، “لا تغضب”، ويقول الكاتب توماس كارليل، “الغضب لا يخرج إلا أسوأ ما فينا. وفي كثير من الأحيان، لا يحل مشكلة أبدًا”. تعلم كيف تحافظ على هدوئك وتضبط ردود أفعالك، مما يعكس قوة الذكاء العاطفي لديك. انفجارك بالغضب، خصوصا أمام مديرك سيظهرك في الحقيقة في مظهر الضعيف لا القوي.
  4. تحديد الحدود والاحترام المتبادل: “الاحترام ليس خيارًا في علاقات العمل، بل هو حجر الأساس”، حافظ على احترامك لنفسك وللمدير ولكل الناس من حولك، ولا تتردد في وضع حدود مهنية احترافية صحية للتعامل والتفاعل معهم.
  5. البحث عن الدعم والتوجيه: لا تخجل من طلب النصيحة، وكما قال إسحق نيوتن، “إذا كنت قد رأيت أبعد، فذلك لأنني وقفت على أكتاف العمالقة”. استفد من تجارب الآخرين لترى أبعد وأفضل. ابحث عن مرشد يمكن أن يوجهك عندما تواجه المشاكل والتحديات في العمل.

في نهاية المطاف، تتشابه بيئات العمل في تحدياتها، لكنها تتفرد في كيفية تعاملنا مع تلك التحديات. إدارة العلاقة مع المدير الصعب ليست مجرد مهارة مهنية، بل هي فن يعكس مدى تمكننا من ذكاءنا العاطفي وقدرتنا على صيانة التوازن في حياتنا. وتذكر دائما أن مديرك سيظل أعلى سلطة منك، فلا تحاول أن تتجاوز حدود صلاحياتك ودورك الوظيفي بالتصادم معه، كن حكيما في كل خطواتك.

قال أحد الحكماء، “إن التحدي الأكبر في الحياة هو اكتشاف من نحن، والثاني هو أن نكون سعداء بما نجد”. دع هذا البحث يكون موجهًا بالأمل، مسنودًا بالفهم، متحليا بالصبر والاحترام المتبادل. ومن هنا، قد تكتشف أن المدير الصعب كان مجرد معلم قاسٍ، جاء به القدر ليعلمك كيف تتجاوز حدودك نحو النمو والنضج الشخصي والمهني.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى