الاتزان الحياتيكتابة

كيف يمكن للكتابة أن تصبح مهنتك اليومية؟ اكتشف أسرار الكبار!

تقول اليزابيث جيلبرت في كتابها “السحر الكبير”:
“إنَّ معظم حياتي الكتابية، كي أكون صادقة بشكلٍ كاملٍ، ليست السحر الكبير على طريقة الفودو القديم والمخيف. كانت معظم حياتي الكتابية عملاً منظماً غيرَ صاخبٍ. أجلس إلى طاولتي وأعمل كمزارع، وهكذا يتم الأمر. فمعظمه ليس غبار جنية.”

تصوِّر جيلبرت في هذه الأسطر تجربتها الكتابية بواقعية جلية، مؤكدةً أن الإلهام ليس إلا جزءًا يسيرًا من العملية الإبداعية، وأن جوهرها يكمن في الجهد الدؤوب والعمل المضني. هذه الرؤية الواقعية تتناغم تمامًا مع ما صرَّح به الروائي الأمريكي الفذ ستيفن كينج، وأكَّد عليه مرارًا في كتابه الشهير “عن الكتابة: مذكرات الحرفة”، إذ يقول: “الهواة يقبعون منتظرين شرارة الإلهام، أما نحن – معشر المحترفين – فننهض ونباشر العمل بلا إبطاء.

ولا يختلف نجيب محفوظ، الأديب المصري الحائز على جائزة نوبل، عن هذا الرأي السديد. فقد أكد في العديد من لقاءاته الصحفية أن الكتابة تستلزم التزامًا صارمًا وانضباطًا ذاتيًا لا يلين، حيث صرَّح قائلاً:
“الإلهام يأتي أثناء الكتابة، وليس قبلها. الكاتب الذي ينتظر الإلهام قبل أن يبدأ في الكتابة قد ينتظر طويلاً.”

تُبرز هذه الإرشادات أنَّ الساعي إلى احتراف الكتابة عليه أن يخوض غمارها بلا تردد، وأن يُداوم عليها بصرف النظر عن حضور الإلهام أو غيابه. فجوهر الكتابة يكمن في مزيج من الانضباط والتفاني، وليس مجرد انتظار سلبي للحظات الوحي الإبداعي.

ولا ننسى طبعا أنَّ القراءة هي المنصة الأساسية التي يجب أن ينطلق منها كل كاتبٍ ينشد التميز. يقول ستيفن كينج:
“إذا كنت تريد أن تكون كاتبًا، يجب عليك فعل شيئين فوق كل شيء: الكثير من القراءة والكثير من الكتابة.”

ويؤكد هذا الأمر أيضًا خورخي بورخيس، الكاتب الأرجنتيني الشهير، الذي قال:
“لطالما تخيلت أن الجنة ستكون نوعًا من المكتبة.”
فقد كانت القراءة بالنسبة له مصدر إلهام ومعرفة لا غنى عنهما، وكان يعتقد أن الكتب تحمل في طياتها عوالم من الأفكار والتجارب التي تغذي العقل وتوسع الأفق.

تُوسِّع القراءة مدارك الأديب، وتمنحه استبصارًا أعمق للعالم والرؤى المتباينة، مما يُثري نتاجه الأدبي ويكسبه تنوعًا وعمقًا. إنها تزوّده بالأدوات الضرورية لصقل مَلَكاته وتطوير أسلوبه. علاوةً على ذلك، تُنمِّي القراءة ثروته اللفظية وتصقل مهاراته اللغوية، مما يعزز قدرته على التعبير بوضوح وإبداع.

صفوة القول، يتعين على كل من يتطلع بجدية إلى التميز في ميدان الكتابة أن يلتزم بممارستها بانتظام، وأن يجعلها ركنًا أساسيًا في روتينه اليومي، مقرونةً بالمطالعة الدؤوبة.

الكتابة والقراءة جناحان لا غنى عنهما للتحليق في فضاء الأدب والإبداع. لذا، انكبَّ على القراءة والكتابة، ثم زِد منهما أكثر وأكثر، وستجد أنَّ الوحي الإبداعي والجهد الدؤوب سيتآزران لإنتاج أعمال فذة تستحق الإشادة والتأمل.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى