الاتزان الاجتماعيالاتزان الحياتيالصحة المهنيةضغوط العملعملينفسي

كيف تتغلب على اكتئاب ما بعد العطلة

أقضي إجازتي الصيفية هذه الأيام خارج البلاد، وقد كانت طويلة وممتعة بكل تفاصيلها. ومع اقتراب العودة، أدرك أنني سأواجه المسألة التي يعرفها كثير من المسافرين: الانتقال من أجواء الانطلاق والحرية إلى روتين العمل بمهامه الصارمة وإيقاعه السريع. هذه اللحظة الانتقالية، إن لم تُدار بوعي، قد تتحول إلى ما يُعرف بـ”اكتئاب ما بعد العطلة” – وهو حالة مؤقتة من الحنين، وانخفاض الطاقة، وصعوبة التكيّف مع متطلبات اليوم العادي.

في خضم هذه الفكرة، قرأت مقالًا للكاتب الصديق ألكسندر كيرولف (Alexander Kjerulf)، مؤسّس شركة Woohoo Inc وأحد أبرز خبراء العالم في مجال “السعادة في بيئة العمل”، قدّم فيه خمس نصائح عملية لمواجهة هذا التحدي.

النصيحة الأولى هي منح نفسك يوم انتقال هادئ قبل العودة للعمل، بحيث تُعيد ترتيب نومك وتهيئة مكانك المنزلي، بدلًا من القفز مباشرة في خضم البريد الإلكتروني والاجتماعات.

النصيحة الثانية هي جلب شيء من العطلة إلى حياتك اليومية، كصورة على المكتب، أو طبق جربته في السفر، أو موسيقى ارتبطت برحلتك، حتى يمتد أثر التجربة إلى حياتك الراهنة.

النصيحة الثالثة عنده هي إحداث تغييرات صغيرة في الروتين، مثل تغيير طريقك للعمل أو إعادة ترتيب مساحة المكتب، لإعطاء الدماغ إشارة بأن الحياة لا تزال تتحرك.

النصيحة الرابعة هي البدء بإنجازات صغيرة، فالنجاح في مهمة سهلة يُنشّط الرغبة في إنجاز مهام أكبر.

أما النصيحة الخامسة فهي التخطيط لشيء قريب وممتع، لا أن تترك نفسك تنتظر العطلة الكبرى القادمة؛ نزهة في نهاية الأسبوع أو نشاط محلي كفيل بمنحك شعور الترقب الإيجابي.

ما ذكره كيرولف يتقاطع مع توصيات من مجلة هارفارد بزنس ريفيو Harvard Business Review التي تشدد على أهمية “يوم وسادة” قبل العودة، لما له من أثر في تقليل الضغط النفسي، ومع ما نشرته كذلك مجلة سيكولوجي توداي Psychology Todayحول دور النشاط البدني—ولو مجرد المشي لمدة ١٥ دقيقة—في تعزيز هرمونات السعادة وإعادة التوازن الكيميائي للمخ. وفي مجلة ريل سمبل Real Simple نجد التركيز على وضع ثلاث نوايا بسيطة في بداية اليوم لاستعادة الشعور بالتحكم والسيطرة، بينما تُذكّر مجلة تايم TIME بأن نهاية الصيف قد تكون فرصة لتبني عادات جديدة بدلًا من الانغماس في الحنين فقط.

ومن زاويتي كطبيب في الصحة المهنية، أرى أن العودة من العطلة تشبه إعادة تشغيل جهاز حساس: إذا حاولت تشغيل كل البرامج مرة واحدة، فالأرجح أن يتعطل. الأفضل هو التشغيل التدريجي، بمنح النفس وقتًا ومساحة، واستبقاء العادات الجيدة التي اكتسبتها في الإجازة.

د. ساجد العبدلي

هذا لا يخفف فقط من “اكتئاب ما بعد العطلة”، بل يحوّل العودة إلى فرصة لتجديد طاقتك المهنية والشخصية معًا.

نصيحتي لك: لا تتعامل مع العودة من السفر كقطعٍ مفاجئٍ للحلم، بل كباب آخر يفتح على حياة يمكن أن تحمل في تفاصيلها بعضًا من متعة العطلة. ابحث عن اللحظات الصغيرة التي تمنحك شعورًا بالراحة والإنجاز، ووزّعها على أيامك، حتى لا تكون الإجازة ذكرى بعيدة، بل رفيقًا يوميًا يعينك على الاستمرار.

لمزيد من المعلومات

Alexander Kjerulf – Our 5 Best Tips to Beat the Post-Holiday Blues

https://positivesharing.com/2025/08/our-5-best-tips-to-beat-the-post-holiday-blues

Harvard Business Review – Post-Vacation Blues? Here’s How to Cope

https://hbr.org/2024/07/post-vacation-blues-heres-how-to-cope

Harvard Business Review – Returning to Work After a Great Vacation

https://hbr.org/2024/07/returning-to-work-after-a-great-vacation

Psychology Today – Coping with Post-Holiday Blues

https://www.psychologytoday.com/us/blog/here-there-and-everywhere/202412/coping-with-post-holiday-blues

Real Simple – The Post-Vacation Slump Is Real—Here’s How to Snap Out of It

https://www.realsimple.com/post-vacation-slump-11783487

TIME Magazine – 7 Ways to Beat the End-of-Summer Blues, According to Psychologists

https://time.com/7015785/how-to-beat-end-of-summer-blues

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى